الاثنين، 5 أغسطس 2013

الاعلامي الفني شكيب عوض الذي اتصف بذاكرته الفنية الموسوعية عن الفن اليمني

الاعلامي الفني شكيب عوض الذي اتصف بذاكرته الفنية الموسوعية عن الفن اليمني والعربي ماذا قال
عن الموسيقار أحمد قاسم :




" لقد أدرك أحمد قاسم منذ الستينات أين يمكن مستقبل الأغنية اليمنية وأيضاً مستقبله الفني فقد استطاع كسر الطابع اللحني في الأغنية السائدة حينها في مدينة عدن وخرج عن الرتابة فيها ورفض أن تظل الأغنية تخاصم العصر وتبقى أسر التراث وكان يؤكد أن أغنيتنا إذا ظلت بكلاسيكيتها ونمطيتها التقليدية لن تتطور.

إن الموسيقار أحمد قاسم الذي فقدناه في 1993 كان عملاقاً بفنه بمعنى الكلمة ولا أبالغ أن قلت أنه لا يقل مستوى عن ملحني جيله من فناني مصر أمثال محمد الموجي , كمال الطويل وبليغ حمدي , ولو توفرت له الفرصة مثلهم واستقر في القاهرة لكن شأنه فنياً شأنهم , وحقق شهرتهم المدوية عربياً وتصدر مثلهم الساحة العربية بكفاءة واقتدار فهو (فنان مليان هدومه) كما قال عنه محمد الموجي بإعجاب عندما التقاه في القاهرة بحضور عبدالوهاب محمد حين اسمعه رائعته "أنت ولا أحد سواك".



عبقري موسيقي

ويضيف : " احمد قاسم عبقري غير عادي , انفعالي حد الجنون يثار ويستثار من أجل تقديم الأفضل , وهو يمتاز بتقديم الأداء التعبيري للأغنية فيترجم نص الأغنية إلى موسيقى حية ويعطي الكلمة والجملة إيقاعها الموسيقي الخاص بها الذي فعلاً يكون في موقعه الصحيح ."

ويتحدث شكيب عوض بحسرة أكثر فيقول : " بموت أحمد قاسم خسرنا موسيقار والجميع يشهد أنه سبق عصره , خاصة في عدن عندما قدم الأغنية المصرية والأغنية اليمنية المستفيدة من اللون الغنائي المصري .. وكان يؤمن أنه لا يقل بموهبته عن الفنانين العرب الذي انطلقوا من مصر مثل صباح ونجاح سلام ومحمد بكار وفائزة أحمد ووردة .."



أتهم بالمصرية

ويحكي عن بدايته الفنية قائل : " لقد قدم أحمد قاسم منذ البداية (الأغنية العدنية) التي كسرت الطابع الرتيب لعدد من الألوان الغنائية اليمنية ذات الطابع الرتيب والمكرر فلقي هجوم وقالوا أن أغنيته مصرية .. لكن احمد قاسم أصر واستمر في طريقه . وعندما قدم أول لحن له عام 1957 لأغنية (تهجر وتنساني) لم يصدق أحد أن هذا اللحن لفنان مبتدئ بل فنان صاحب خبرة وعمله ذلك لا يقل مكانه عن أعمال محمد الموجي حينها .. لقد كان عمر أحمد قاسم وقتها 18 سنة فقط .

حتى الفنان فريد الأطرش أعجب بموهبة أحمد قاسم عندما زار مدينة عدن في فبراير 1956 وكان حينها مدرس وهاو فن يغني فقط في الجلسات الخاصة ويردد أغاني فريد الأطرش وكارم محمود وعبدالعزيز محمد وصباح .

وعندما استمع فريد إلى اللون العدني بأصوات الفنانين خليل محمد خليل وسالم بامدهف رحب بالأغنية العدنية التي رأي أنها تستجيب لروح العصر ويمكن أن تجاري الأغنية في مصر , لكنه عندما استمع إلى الشاب أحمد قاسم شده أكثر من الآخرين لعزفه المتقن على آلة العود واستمع منه إلى أشهر أغانيه حينها (كفاية يا عين) و(اسأل الفجر والغروب) ، دهش فريد من أداء أحمد المتقن والتعبيري للأغنية ولحظتها التفت إلى من حوله ونصح بأن لا يضيعوا هذا الولد الموهوب من أيديهم ونصح بابتعاثه إلى مصر وتسجيله في المعهد العالي للموسيقى حتى يتأهل فنياً تأهيلاً علمياً وبالتالي يكتمل حضروه شكلاً ومضموناً ويخدم هذه الأغنية التي ظهرت في عدن .



أحمد قاسم يتعرض للهجوم

يتذكر شكيب الفنان أحمد قاسم وهو الذي التقاه وحاوره كثيراً بل وقف خلفه (كورس) في بعض أغانيه في وقت مبكر : " جاءت الفرصة عام 1958 للمدرس أحمد قاسم لدراسة الموسيقى في القاهرة فأبتعث حينها من دائرة المعارف في مستعمرة عدن .

ومثلت دراسته في القاهرة واقترابه من الأغنية المصرية التي أحبها كثيراً فرصة لتقديم أغانيه التي امتازت حينها بثوبها المصري وفرض بذلك لوناً جديداً على الأغنية اليمنية بأسلوب تجديدي وظف فيها معرفته العلمية في الموسيقى وتذوقه الراقي لها , لكنه تعرض لهجوم قاس من التقليديين في عدن وانتقدته الصحافة حينها .

ومن تلك الأعمال أغنية (الكوكب الساري) ولحنها قريباً من اللون المصري وأغنية (كم أحبك) وكانت ذا لحن رائع قريب من روح بليغ حمدي أو قريبة من الموجي في (صافيني مرة) لعبد الحليم حافظ وأغاني أخرى , سجلها كلها لإذاعة (صوت العرب) .

وعن أيمان أحمد قاسم بالجديد وإصراره على المضي في طريقه رغم الهجوم عليه يقول شكيب عوض : "عمل أحمد قاسم على تأسيس (فرقة أحمد قاسم الموسيقية التجديدية) و فرض على أعضائها ارتداء الملابس العصرية مقتدياً بالفرق الموسيقية المصرية وطعم الفرقة بالآلات الموسيقية الحديثة , وهكذا ظهرت أغانيه مميزة عن الفنانين الآخرين في عدن .



أول فنان يمني يشترك في حفلات (أضواء المدينة)

كان أحمد قاسم أول فنان يمني يشترك عدة مرات في حفلات (أضواء المدينة) بالقاهرة أثناء دراسته وإقامته فيها ابتداء من حفلة عام 1958 إلى جانب كبار الفنانين وأثناء عودته إلى عدن في إحدى إجازاته عام 1958 قدم أولى حفلاته الموسيقية التي قدم فيها مقطوعة موسيقية بعنوان (أمينة) واتبع بذلك تقليد بداية الحفل بمقطوعة موسيقية وكان تركيبها يميل إلى اللون الموسيقي الحديث السائد في مصر وأمينة هذه فتاة مصرية التقاها أحمد قاسم في رحلته بالطائرة من القاهرة إلى عدن وأعجب بها فألف باسمها هذه المقطوعة .

وليثبت احمد قاسم لجمهور الغناء في اليمن قدرته على الغناء بلونه اليمني الأصيل وليثبت أن اللون الذي قدمه في البداية لم يكن ناتج عن ضعف في الموهبة أو عدم الإحساس أو هروب , بل عن بعد نظر وموهبة , تعلم من الدرس الذي استخلصه من هجوم التقليدين عليه فقدم عدة ألحان شعبية مستمدة من الأهازيج اليمنية وهو في مصر كأغاني (هربو جا الليل) و (يا ليت عدن مسير يوم) للشاعر احمد الجابري وأغنية (يا حلو ياخضر اللون) للشاعر عبده عثمان وأغاني (من العدين يالله) و(يا طالعين الجبل) و(يا غارة الله) و(حقول البن) للشاعر سعيد الشيباني و(قمري تغني على الأغصان) للشاعر محمد عبده غانم و( في جفونك) و(اسمر وعيونه) للشاعر لطفي جعفر أمان الذي شكل معه ثنائياً رائعاً لسنوات حتى مطلع السبعينات .

وحسب شكيب عوض فإن أحمد قاسم ظل يشكو من منتقديه فيتذكر من أخر لقاء أجراه معه في 1988م : " كان يقول أن الأغنية التي تقدم في مصر أغنية عربية تستجيب للعصر" وهذا ما يؤكد أنه كان ينظر للأمام ومؤمن بأن اتجاهه صحيح .



فنان مغامر

يمضي شكيب عوض بالقول : " لقد أدمن موسيقارنا الرائع (المغامرة) وبفعل ذلك نفذ خبطات فنية كبيرة علت من شأنه وشأن بلده , ودخل مجال الإنتاج السينمائي فقدم فيلم (حبي في القاهرة) عام 1966 مع عمالقة التمثيل المصري وأقام حفلات ساهرة في عدن 64- 1965 أحياها بصحبة نخبة من الفنانين المصرين الذين استقدمهم على نفقته الخاصة ومنهم ماهر العطار ومحمود شكوكو وشفيق جلال وثريا حلمي والراقصة طقطوقة وكانت حفلات لا تنسى من الذاكرة أبدا ً".

ويضيف "كان كبيراً في فنه وفي طموحه وفي مبادراته أو كما يحلو لي أن أطلق عليها (مغامراته) لأنه نجح في تحقيق مقاصده الفنية النبيلة بصورة مبهرة ولكنه لم يحقق أرباحاً مادية منها ."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق